مقابلة مع سعادة السفير الدكتورة الشيخة منيرة بنت خليفة آل خليفة

سعادة السفير الدكتورة الشيخة منيرة بنت خليفة آل خليفة، هي دبلوماسية وأكاديمية تشغل حاليًا منصب مدير عام أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية في وزارة الخارجية بمملكة البحرين (بدرجة سفير).

تولت سعادة الشيخة منيرة منذ عام 2019 مسؤولية إدارة الأكاديمية والإشراف على تطويرها إلى مؤسسة معتمدة، كما تترأس لجانًا رئيسية في الوزارة، بما في ذلك لجنة التوظيف والتقييم، ولجنة التميز، وقد شغلت سابقًا منصب رئيس لجنة تكافؤ الفرص، ونائب رئيس لجنة شؤون أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي.

إلى جانب إشرافها على الأكاديمية، يشمل دور سعادة الشيخة منيرة على تدريس مقررات مثل تاريخ البحرين المعاصر، ومهارات الدبلوماسية، والتفكير النقدي، بالإضافة إلى إدارة فريق من الأكاديميين والموظفين، كما سبق وأن قدمت استشارات للمعاهد الدبلوماسية.

من عام 2017 إلى 2019، شغلت سعادة الشيخة منيرة منصب المدير التنفيذي للمعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية، حيث أشرفت على تقديم برامج رئيسية، وأدارت عمليات التوظيف والتدريب للدبلوماسيين البحرينيين، كما شاركت في إنشاء المعهد و إعداد هيكله التشغيلي بين عامي 2016 و2017.

قبل مسيرتها الدبلوماسية، قامت سعادة الدكتورة الشيخة منيرة بتدريس العلاقات الدولية وسياسات الشرق الأوسط في جامعة أكسفورد من عام 2010 إلى 2015، وهي حاصلة على درجة الدكتوراه (DPhil) في دراسات الشرق الأوسط من أكسفورد، حيث ركز بحثها على الهوية والمواطنة في البحرين، كما تحمل درجة الماجستير (MPhil) في العلاقات الدولية من جامعة أكسفورد ،ودرجة البكالوريوس في العلاقات الدولية من جامعة ويبستر في جنيف.

 

سعادة الدكتورة الشيخة منيرة بنت خليفة آل خليفة ما سبب زيارتك إلى بلغاريا؟

زيارتي إلى جمهورية بلغاريا الصديقة كانت خطوة مهمة ضمن جهود وزرارة الخارجية لتعزيز العلاقات الثنائية بين مملكة البحرين وجمهورية بلغاريا التي تجمعنا بها روابط متينة من التعاون والتفاهم المشترك. والهدف الرئيسي من هذه الزيارة كان مد جسور التعاون في مختلف المجالات، خصوصًا في المجال الدبلوماسي والثقافي والتدريبي، حيث نسعى دائمًا إلى تعزيز أطر التبادل المعرفي والخبرات بين بلدينا.

وأنا سعيدة بأن الزيارة توجت بتوقيع مذكرة تفاهم بين أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية والمعهد الدبلوماسي البلغاري، وهي خطوة مهمة تعكس التزام البلدين بتعزيز التعاون في مجال تأهيل وتطوير الكوادر الدبلوماسية، وقد كان توقيع هذه المذكرة تتويجًا لجهود طويلة من التواصل والتنسيق، وجاء ليؤكد حرص الجانبين على بناء شراكة استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المشتركة.

كما أنني سعدت في الحقيقة باستضافة سعادة السيدة تانيا ميخايلوفا، مديرة المعهد الدبلوماسي البلغاري لي في هذا البلد الجميل والمضياف، وأنا فخورة بأنه تجمعني بالسيدة تانيا صداقة خاصة قائمة على الاحترام والتقدير المتبادل. وهذه الزيارة كانت فرصة لتبادل وجهات النظر حول أفضل السبل لتطوير البرامج التدريبية المشتركة، وتحديد مجالات جديدة للتعاون المستقبلي.

إن السيدة تانيا شخصية مميزة ومهنية بدرجة عالية، وكان لدورها البارز في تعزيز التعاون بين مؤسستينا أثر كبير في نجاح هذه الزيارة.

إلى جانب توقيع مذكرة التفاهم، تضمنت زيارتي لقاءات مثمرة مع عدد من المسؤولين البلغاريين، وعلى رأسهم معالي السيد إيفان كوندوف وزير خارجية جمهورية بلغاريا، حيث ناقشنا خلالها أوجه التعاون الممكنة في مجالات أخرى، مثل التعليم والتبادل الثقافي، بما يسهم في تعزيز العلاقات الثنائية. كما قمت بزيارة المعهد الدبلوماسي البلغاري للاطلاع على برامجه ومنهجيته، وقد كانت هذه التجربة مفيدة للغاية وأثرت في فهمنا لطرق التدريب الدبلوماسي الحديثة.

هذه الزيارة كانت تجربة ثرية ومثمرة على كافة الأصعدة، حيث عززت العلاقات الثنائية وأرست أسسًا جديدة للتعاون المستقبلي. وأنا على ثقة بأن هذه الشراكة ستثمر بنتائج إيجابية تسهم في دعم العلاقات بين مملكة البحرين وجمهورية بلغاريا وتعزيز مكانة البحرين على الساحة الدولية.

 

لقد ألقيت محاضرة أمام دبلوماسيين وخبراء الشرق الأوسط وأساتذة من .قسم الدراسات العربية والسامية وطلبة من تخصص الدراسات العربية. فما هي انطباعاتك عن لقاء الأشخاص الذين يتعاملون مع ما يحدث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟

لقد كان لي الشرف بإلقاء المحاضرة أمام مجموعة متميزة من الدبلوماسيين والخبراء والمتخصصين في دراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالإضافة إلى الأساتذة والطلبة من قسم الدراسات العربية والسامية. هذا اللقاء كان فرصة فريدة للتفاعل مع نخبة من العقول التي تُعنى بشكل مباشر بالقضايا والتحديات التي تواجه المنطقة.

كان انطباعي الأول هو الإعجاب العميق بالمستوى العالي من الفهم والاهتمام الذي أبداه الحضور تجاه المنطقة، سواء من حيث الجوانب التاريخية والثقافية أو القضايا السياسية والاقتصادية الراهنة. لقد وجدت أن لديهم معرفة واسعة بالتحديات المعقدة التي يواجهها الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مثل التحولات السياسية، القضايا الاقتصادية، والنزاعات الإقليمية، بالإضافة إلى إدراكهم لأهمية المنطقة على الساحة الدولية.

ما أثار إعجابي بشكل خاص هو مدى شغفهم بالتعلم والبحث، وحرصهم على فهم القضايا من منظور شامل ومتوازن. هذا الحضور المتنوع بين دبلوماسيين ومختصين وأكاديميين وطلبة أضاف بُعدًا غنيًا للنقاش، حيث تباينت وجهات النظر وتكاملت في الوقت ذاته، ولقد لمست خلال النقاش رغبة صادقة في إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة للتحديات التي تواجه المنطقة، وهو ما يعكس اهتمامًا حقيقيًا بالسلام والاستقرار.

كما أدهشني اهتمام الطلبة بدراسة اللغة العربية والثقافة العربية، وحرصهم على التعمق في فهم هذه الحضارة العريقة. أسئلتهم واستفساراتهم كانت عميقة ومبنية على فهم حقيقي للتحديات التي تواجه المنطقة، مما يدل على أن هناك جيلًا جديدًا من الباحثين والأكاديميين يمتلكون أدوات التحليل والرغبة في بناء جسور التفاهم بين الثقافات.

يثيرني دائمًا اهتمام هذه النخبة بمنطقة الشرق الأوسط، فهي منطقة زاخرة بالتاريخ والحضارة التي نفخر بها جميعًا كعرب. خلال اللقاء، أدهشني مستوى اطلاعهم على قضايا المنطقة، ومدى شغفهم بفهم تعقيداتها الثقافية والسياسية والاجتماعية. إن الأكثر إبهارًا كان قدرتهم على التحدث بلغتنا العربية، وهي لغة ندرك تمامًا أنها من أكثر اللغات تحديًا في التعلم. هذا الجهد يعكس احترامهم العميق للثقافة العربية ورغبتهم في بناء جسور من التفاهم مع شعوب المنطقة.

كان الهدف الأساسي من المحاضرة هو تقديم لمحة عن قصة مملكة البحرين، ومشاركة الحضور برؤيتنا عن تاريخ المملكة وحاضرها ومستقبلها. ومع ذلك، أجد أن التجربة كانت لها نتيجة معاكسة إيجابية؛ فقد أُتيح لي ولزملائي فرصة نادرة للاستماع إلى آرائهم وانطباعاتهم حول البحرين والمنطقة بشكل عام. هذا التبادل كان ثريًا للغاية، حيث تعرفنا على كيف ينظرون مملكة إلى البحرين كدولة حديثة تجمع بين التقاليد العريقة والطموح المستقبلي.

و ما أضفى على النقاش قيمة إضافية هو أن الحضور لم يكن فقط مستمعًا، بل كان مشاركًا فعّالًا. طرحوا أسئلة ذكية وملاحظات عميقة تعكس فهمًا دقيقًا للتحديات والفرص التي تواجه المنطقة. كما أن ملاحظاتهم حول مملكة البحرين كانت مصدر فخر لي، حيث أشاروا إلى نجاح المملكة في بناء نموذج فريد يجمع بين التنمية المستدامة والحفاظ على الهوية الثقافية.

هذا اللقاء لم يكن مجرد فرصة لإلقاء محاضرة، بل كان منصة لتبادل الآراء وتعزيز التفاهم المتبادل. شعرت أن الحوار بيننا كان بنّاءً ومثمرًا، حيث أتاح لي رؤية بلدي والمنطقة من منظور مختلف، وهو ما يعزز إيماني بأهمية الحوار الثقافي والدبلوماسي في تعزيز العلاقات الدولية.

 

ما هي الرسالة التي تودين توجيهها للأشخاص الذين يرغبون في دراسة اللغة والثقافة العربية حتى أن يعملوا خبراء في مجال قضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟

تعلم اللغة العربية كتعلم أي لغة أخرىهو رحلة مليئة بالتحديات، لكنها تحمل في طياتها مكافآت كبيرة لمن يسلك هذا الطريق. رسالتي للأشخاص الذين يرغبون في دراسة اللغة والثقافة العربية هي أن يتحلوا بالصبر والمثابرة، وأن يدركوا أن تعلم اللغة العربية ليس مجرد اكتساب لغة جديدة، بل هو نافذة على حضارة غنية وتاريخ عريق وفهم أعمق لمنطقة مليئة بالتنوع والتحديات.

وعليهم البدء بتطوير مهارات الاستماع والتحدث، فهي المفتاح للتواصل مع الناطقين باللغة العربية، وتوفر قاعدة أساسية لبناء الثقة اللغوية. و ينبغي أيضاً الانخراط في حوارات مع متحدثين أصليين، سواء من خلال السفر إلى الدول العربية أو الانضمام إلى مجتمعات محلية أو عبر الإنترنت. و أن يدركوا أن التعلم العملي أكثر فعالية من التركيز على القواعد النحوية فقط ، مع التركيز على تطوير مهارات القراءة والكتابة، مع استخدام نصوص من الحياة اليومية مثل الأخبار والمقالات الثقافية لتعميق فهمهم.

و ينبغي عليهم ألا يقتصروا على المناهج الدراسية، بل أن يستفيدوا من الوسائل الإعلامية المتنوعة. مشاهدة الأخبار، البرامج الحوارية، والأفلام العربية، بالإضافة إلى الاستماع إلى البودكاست والموسيقى، وهذا سوف يساعدكم على التعرف على اللغة في سياقاتها الطبيعية وتطوير مهارات الاستماع والنطق لديهم.

و لا بد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ليست كيانًا متجانسًا، بل هي غنية بتنوعها الثقافي واللغوي. استكشاف اللهجات المحلية والعادات والتقاليد المختلفة سيمنح الراغبين في تعلم اللغة العربية منظورًا أعمق ويجعلهم أكثر قدرة على التفاعل مع مختلف الثقافات في المنطقة،دون الاكتفاء بالفصحى فقط، و محاولة فهم الأساليب اليومية التي يتحدث بها الناس في حياتهم اليومية.

إلى جانب تعلم اللغة، يجب التركيز على فهم الخلفية التاريخية والجغرافية للمنطقة، والقراءة عن تاريخ الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، واستيعاب السياقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، أمر أساسي لتحليل القضايا الراهنة بوعي وموضوعية. إذا كانوا يستهدفون العمل في مجالات معينة مثل السياسة، الاقتصاد، الإعلام، أو حقوق الإنسان، فمن المفيد أيضًا تعلم المصطلحات الفنية والتخصصية في هذه المجالات لتعزيز كفاءتهم المهنية وإضافة قيمة لخبراتهم.

في النهاية، أقول: لا تخافوا من الأخطاء، بل اعتبروها جزءًا طبيعيًا من رحلة التعلم. تحلوا بالفضول والشغف، وكونوا مستعدين لاستكشاف ثقافة ثرية تحمل في داخلها أسرارًا وتجارب ستغير طريقة نظرتكم للعالم من حولكم. تعلم اللغة العربية هو أكثر من مجرد مهارة، إنه جسر للتواصل والتفاهم وبناء العلاقات عبر الثقافات.

 

ما هي المهارات الضرورية التي يجب على الدبلوماسي المعاصر تطويرها حتى يتمكن من أداء وظيفته بشكل جيد؟

الدبلوماسي المعاصر يحتاج إلى مجموعة شاملة من المهارات والمعارف ليتمكن من أداء وظيفته بكفاءة وفعالية في عالم يشهد تغيرات متسارعة وتحديات متزايدة. في البداية، أود أن أشير إلى أن المرونة والتكيف هما من أهم المهارات التي يجب أن يتمتع بها الدبلوماسي، حيث إن البيئة السياسية والدبلوماسية تتغير بسرعة على المستوى الإقليمي والدولي. إن القدرة على التعامل مع المواقف غير المتوقعة وصياغة استجابات مرنة تعكس استعداد الدبلوماسي لمواجهة هذه التغيرات باحترافية.

وإن المعرفة الشاملة والاطلاع المستمر هما أيضًا من الركائز الأساسية لأي دبلوماسي ناجح. يجب أن يكون على دراية واسعة بما يدور حوله من تطورات في شتى المجالات، ليس فقط السياسية والدبلوماسية، بل أيضًا الاقتصادية، التكنولوجية، والبيئية. هذا يساعده على فهم أعمق للقضايا التي يتعامل معها ويمنحه القدرة على تقديم رؤى وتحليلات دقيقة. إننا في أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية، نعمل على تعزيز هذا الجانب من خلال برامج تدريبية تركز على تزويد الدبلوماسيين بالمعرفة والأدوات التي تمكنهم من مواكبة التغيرات العالمية.

كما أن مهارات التواصل الفعّال تأتي في صدارة المهارات التي يجب على الدبلوماسي تطويرها. يجب أن يكون لديه القدرة على التعبير بوضوح، سواء في الحديث أو الكتابة، بالإضافة إلى الاستماع بعناية لفهم وجهات نظر الآخرين. التواصل الفعّال لا يقتصر على الكلمات فقط، بل يشمل أيضًا فهم الثقافات المختلفة واحترام تنوعها. هذا ما يعزز بناء جسور التفاهم مع الأطراف المختلفة.

إتقان اللغات هو عامل أساسي في العمل الدبلوماسي. إلى جانب اللغة العربية، يجب أن يكون الدبلوماسي ملمًا بلغات أخرى، لتسهيل التواصل في المحافل الدولية. كما أن الإلمام باللغات المحلية لبعض الدول يعزز من قدرة الدبلوماسي على التفاعل مع المجتمعات المحلية وبناء علاقات قوية.

إن مهارات التفاوض والإقناع تحتل أهمية كبيرة في مسيرة الدبلوماسي، حيث يحتاج إلى التوصل إلى تسويات تحقق مصالح بلاده مع الحفاظ على العلاقات الإيجابية مع الأطراف الأخرى. كما إن القدرة على الإقناع والبقاء هادئًا تحت الضغط هما من السمات الأساسية التي تعزز من فعالية الدبلوماسي في هذا السياق.

أخيرًا،إن فهم الثقافات المتنوعة وتحليل السياقات المختلفة يساعد الدبلوماسي على النجاح في مهمته، خاصة في منطقة غنية بالتنوع مثل الشرق الأوسط. يجب أن يكون لديه إدراك عميق للعادات والتقاليد والثقافات المحلية ليتمكن من بناء علاقات مثمرة تعزز أهداف بلاده. هذا ما نركز عليه في أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية، حيث نعمل على إعداد الدبلوماسي الشاملالقادر على تمثيل بلاده بكل كفاءة في المحافل الدولية.

 

يتزايد عدد النساء العربيات اللواتي يعملن في مجال الدبلوماسية .كيف تقيمين أهمية هذه الحقيقة؟

في الأول من ديسمبر، احتفلنا بيوم المرأة البحرينية تحت شعار المرأة شريك جدير في بناء الدولة، وهي مناسبة تعكس تقدير مملكة البحرين للدور الريادي الذي تلعبه المرأة في مسيرة التنمية الوطنية. هذا اليوم ليس مجرد احتفال، بل هو رسالة تأكيد على مكانة المرأة كشريك أساسي في بناء الدولة، ودورها المؤثر في مختلف المجالات، لا سيما في المجال السياسي والدبلوماسي.

أحد أبرز الشواهد على هذا الدور هو أن نصف خريجي أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية هنّ من النساء. هذا الإنجاز يعكس التزام مملكة البحرين بتمكين المرأة وتعزيز فرصها في جميع المجالات. هؤلاء الخريجات يشغلن اليوم مناصب دبلوماسية مرموقة، ويمثلن البحرين بفخر في المحافل الدولية، مساهمات في تعزيز مكانة المملكة على الساحة العالمية.

إن دعم القيادة الرشيدة كان ولا يزال ركيزة أساسية لنجاحات المرأة البحرينية. هذا الدعم تُرجم إلى سياسات وبرامج تهدف إلى تمكين المرأة، بدءًا من التعليم والتأهيل وصولًا إلى تمكينها في المناصب القيادية، ما أتاح لها الفرصة لتثبت قدراتها وتحقق طموحاتها.

في المجال السياسي والدبلوماسي، أثبتت المرأة البحرينية كفاءتها وجدارتها في تولي المناصب القيادية، وهو ما يسعدني أن أراه أيضًا بين زميلاتي الدبلوماسيات العربيات اللواتي ألتقي بهن في المحافل الإقليمية والدولية. إن نجاحهن في هذا المجال يعكس حقيقة نعيشها اليوم، وهي أن المرأة العربية، بما في ذلك البحرينية، قادرة على تحقيق إنجازات باهرة والمساهمة الفعّالة في تعزيز الاستقرار والسلام.

نحن في البحرين نؤمن بأن المرأة ليست فقط داعمة لمسيرة الدولة، بل هي قائدة ومؤثرة في صياغة مستقبلها. لذلك، يُعد وجود هذا العدد الكبير من النساء بين خريجي الأكاديمية مصدر فخر وإلهام، يعكس رؤية المملكة التي تعتبر تمكين المرأة جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها لتحقيق التنمية المستدامة. يوم المرأة البحرينية هو فرصة للاحتفاء بإنجازات المرأة، وتجديد العهد بالاستمرار في دعمها وتمكينها، لأنها ركن أساسي في بناء وطننا ورفعته.

 

شاركينا ما هي طموحات أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة الدبلوماسية التي تترأسينها؟

تفتخر أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية بما حققته من إنجازات ملموسة منذ تأسيسها، حيث أصبحت صرحًا وطنيًا متميزًا في إعداد وتأهيل الكوادر الدبلوماسية. حتى الآن، بلغ عدد خريجي الأكاديمية 202 دبلوماسيًا، يشغل العديد منهم مناصب مرموقة ويمثلون مملكة البحرين في المحافل الإقليمية والدولية بكفاءة واقتدار. كما نظمت الأكاديمية العديد من البرامج التدريبية المتخصصة وورش العمل التي أسهمت في رفع مستوى الأداء المهني للدبلوماسيين. إلى جانب ذلك، تمكنت الأكاديمية من تعزيز التعاون الدولي مع مؤسسات دبلوماسية مرموقة حول العالم، وتوقيع اتفاقيات شراكة تساهم في توسيع آفاق التدريب والتطوير بما يخدم رؤية البحرين 2030. هذه الإنجازات تعكس الالتزام الراسخ للأكاديمية بتقديم أفضل الممارسات والمعايير في مجال التأهيل الدبلوماسي.

وتطمح الأكاديمية إلى أن تكون مركزًا رائدًا ومتميزًا في مجال التأهيل والتدريب الدبلوماسي، والبحث العلمي، والترجمة. تسعى الأكاديمية إلى تقديم برامج تدريبية متطورة تعتمد على أحدث الوسائل والمنهجيات التعليمية، بما يمكنها من تلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية للمجال الدبلوماسي على المستويين الوطني والدولي.

الأكاديمية تهدف إلى إعداد وتأهيل دبلوماسيين يمتلكون مهارات معرفية وعملية تمكنهم من تمثيل مملكة البحرين بكفاءة وفاعلية عالية في المحافل الدولية، سواء كان ذلك على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي. نحن نركز على تطوير القدرات الشاملة للدبلوماسيين، بما يشمل المهارات التفاوضية، التحليلية، والتواصلية، لنضمن قدرتهم على مواجهة التحديات المختلفة وتمثيل المملكة بصورة مشرفة.

كما تطمح الأكاديمية إلى أن تكون مركزًا متميزًا لتعليم اللغة العربية للناطقين وغير الناطقين بها. من خلال هذا البرنامج، نهدف إلى تعزيز الفهم الثقافي واللغوي، وفتح أبواب الحوار بين الشعوب والثقافات. اللغة العربية ليست فقط وسيلة للتواصل، بل هي جسر للتفاهم الثقافي والحضاري، ويأتي هذا المشروع كجزء من رؤيتنا لتعزيز دور البحرين كمركز للتبادل الثقافي والمعرفي.

إضافة إلى ذلك، تسعى الأكاديمية لتكون منصة لدعم تطوير السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بالعمل الدبلوماسي، من خلال إجراء البحوث والدراسات، وتنظيم ورش العمل والمؤتمرات التي تساهم في رفع كفاءة الأداء الدبلوماسي لمملكة البحرين. نؤمن بأن تطوير الأداء الدبلوماسي هو عملية مستمرة، تعتمد على التعلم المستمر والتفاعل مع المتغيرات الدولية.

في نهاية المطاف، رؤيتنا تتمثل في جعل الأكاديمية نموذجًا يحتذى به على مستوى المنطقة والعالم، بما يعزز من مكانة مملكة البحرين كدولة رائدة في تطوير الكفاءات الدبلوماسية وتعزيز الحوار والتفاهم بين الثقافات.

 

دعينا نتكلم عن الشباب. كيف تستثمر مملكة البحرين في الشباب؟

بفضل رؤية وتوجيهات جلالة الملك المعظم، وتوجيهات الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تولي مملكة البحرين اهتمامًا بالغًا بالشباب وتحرص على تمكينهم ورعاية طاقاتهم المتجددة باعتبارهم عماد المستقبل وأساس تطور المملكة. هذا الاستثمار في الشباب يتجلى اليوم في تبوأ العديد منهم مناصب قيادية على مستوى المملكة، حيث أصبحوا شركاء أساسيين في مسيرة التنمية الوطنية وتحقيق رؤية البحرين 2030.

الحكومة البحرينية تؤمن بالدور المحوري للشباب في دفع عجلة التقدم والابتكار، وجعلهم عنصرًا رئيسيًا في برامجها الوطنية. ويظهر ذلك جليًا في إدراج الشباب كأولوية ضمن برنامج عمل حكومة مملكة البحرين، والذي يركز على تمكينهم وتطوير مهاراتهم ليكونوا فاعلين في مختلف القطاعات.

لتنمية الشباب، أطلقت البحرين العديد من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى صقل مهاراتهم وتأهيلهم لمناصب قيادية. من بين هذه البرامج برنامج رئيس مجلس الوزراء لتنمية الكوادر الحكومية، الذي يوفر فرصًا لتطوير المهارات القيادية والإدارية، وبرنامج لامعالذي تطلقه وزارة شؤون الشباب لدعم المواهب المتميزة وتنمية قدراتهم. كذلك، يلعب البرنامج التأسيسي الدبلوماسي الذي تقدمه أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية دورًا أساسيًا في تأهيل الشباب للعمل الدبلوماسي وتجهيزهم للتعامل مع التحديات الدولية بمهارات ومعارف عصرية.

هذا النهج المتكامل للاستثمار في الشباب يعكس التزام مملكة البحرين ببناء جيل واعٍ وقادر على الإبداع والابتكار، والمساهمة بفعالية في بناء مستقبل مشرق للمملكة. الشباب في البحرين ليسوا فقط متلقين للفرص، بل هم مشاركون أساسيون في صياغة رؤية البحرين وبناء مسيرتها التنموية.

 

ما هي انطباعاتك عن بلادنا؟

جمهورية بلغاريا تركت لدي انطباعات رائعة كبلد يتميز بجمال طبيعته، وثراء تاريخه، وكرم ضيافة شعبه. إنها بلد يجمع بين عبق الماضي وتطور الحاضر، حيث يمكن للزائر أن يلمس هذا التناغم من خلال المعالم التاريخية التي تحكي عن الحضارات التي تعاقبت على أرضه، والطبيعة الخلابة التي تُضفي سحرًا خاصًا على التجربة.

ما أثار إعجابي بشكل خاص هو الروح المضيافة التي لمسناها في كل مكان. الشعب البلغاري يتمتع بحفاوة استقبال وترحيب جعلنا نشعر وكأننا في بلدنا. هذه الروح تعكس القيم المشتركة التي تجمعنا، وخاصة فيما يتعلق بالتعايش السلمي الذي يعتبر قاسمًا مشتركًا بين البحرين وبلغاريا، حيث يُعد التعايش بين الثقافات والمجتمعات المختلفة جزءًا أصيلًا من هويتنا الوطنية.

كما أن بلغاريا غنية بالتجارب التي يمكن أن نتعلم منها الكثير. مسيرتها في التنمية والتطوير تحمل دروسًا قيّمة في كيفية الاستفادة من التراث الثقافي والتاريخي لتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي. هذا يعكس التزامًا قويًا بالحفاظ على التوازن بين التقاليد والحداثة، وهو أمر يمكن أن يكون مصدر إلهام لتعزيز التعاون بين بلدينا.

نتطلع في المستقبل إلى زيارة بلغاريا خلال مواسم أخرى للاستمتاع أكثر بطبيعتها الساحرة، وحقولها الجميلة، وورودها المميزة التي تعتبر رمزًا لهذا البلد الرائع. بلغاريا ليست فقط وجهة مميزة، بل هي جسر للتواصل والتعلم وتبادل التجارب بين شعبي بلدينا.

Share this post

Comment (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Do not copy!